‏إظهار الرسائل ذات التسميات من وحي خيالي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات من وحي خيالي. إظهار كافة الرسائل
السبت، 19 أغسطس 2017

انا واليابان والحلم والاسلام

بعد ان استيقظت من النوم ، لاحظت ان فراشي مختلف ، احسست بالدهشة  ، نهضت مسرعا اتفحص غرفة فوجدتها مختلفة ، ماذا يحدث الان ، هل هناك خطب ما ، ام انا احلم ، لكني اعرف هذه الغرفة و حتى هذا المنزل اعرفه ، و ذهبت مباشرة للحمام نظرت للمرأة فوجدتي نفسي مختلفا ، بل ملامحي اسيوية ، ماهذا الذي يحدث بدأت افكر اني ياباني ، لكن لماذا يخيل الي اني لست هكذا بالاصل ، مشاعر مختلطة ، لكني اعرف هذا المكان نعم انا من اليابان انيا ياباني اتكلم اليابانية  واعمل في اليابان ، لكن لما ينتابني شعور اني لست انا !!!!

خرجت للعمل ، التقيت بالاصدقاء الذين اعرفهم ويخيل لي اني اول مرة اعرفهم ، حقا انه إلتباس غير مفهوم ، بعد العمل وفي المساء ، التقيت بأصدقائي ، تكلمنا و ضحكنا ، واتجه حديثنا عن الدين ، نعم انا اعتنق البوذية ، لكن عندما تحدث احدهم عن الارهاب ، سمعت ان اصحابه مسلمين ، تملكني الفضول لما المسلمين ارهابيون  ولما يقتلون الناس ويفجرون !!! هل دينهم هكذا وحشي ، فقررت ان اخصص وقتي للبحث عن هذا الدين ، من خلال تعرفي على المسلمين ، وذلك بزيارتي السياحية لدولة مسلمة ، خلال اجازتي الصيفية ، وبالفعل ذهبت لبلد عربي ، عندما حللت هناك ، احسست ان الناس هناك عاديون جدا ويتصرفون بترحيب وعفوية ، لكن الوضع تغير ، فوجدت ازبال في اماكن عديدة وعدم نظافة شوارعهم ، وجدت شبانا يتشاجرون بسكاكين ، وفي الشوارع عند السيارات هناك عدم احترام لقانون السير و عصبية بين السائقين ، ذهبت عند بعض التجار واشتريت عنده بعض مقتنيات للذكرى ، لاكتشف انه خدعني في ثمنها وقيمتها بعد ان اغرني كلامه عن قيمة المنتوج ، لأجده مجرد كاذب ، مخادع .

لأكتشف نوع اخر من المسلمين ليس ارهابيون لكنهم مستغلون ، ليس كلهم ، واعترف ان هناك من كانت معاملته جيدة ، لكن اخدت انطباع ان هذا الدين حقا به نقص .

رجعت لبلدي اليابان ، ومرت الايام ان ان تعرفت على كتاب جميل اعجبني اقتنيته ، وانبهرت به ، وعلمت انه كتاب مترجم لكاتب عربي ، احسست بتناقض ، رغما هذا هؤلاء المسلمون فيهم من يختلف عنهم ، فقررت ان اتعلم اللغة العربية ، فموضوع الاسلام شغل بالي ، وبالفعل نجحت في تعلمها ، ودخلت لمنتديات عربية اسلامية ، فصدمت لكمية الجدال واللعان والشتائم بين المسلمين والعرب ، وتعاليق كلها قلة ادب واتهام ، وقلة نادرة تتعلق وتناقش بادب ورقي ...بل تكلمت مع احدهم فوصفني بابشع الصفات بعد ان اكدت ان دين الاسلام لا يربي الناس على خلق ...فاشتدت كراهيتي للاسلام والمسلمين ولم اعيد اطيق سماع كل ما يمت الصلة بهم ...واعلقت عيني لأنام ، فاستيقظت فوجدت نفسي في غرفة اعرفها جيدا انها غرفتي ، وركضت  للحمام نعم هذا هو انا ، لكن لما شعرت اني ياباني ، فتأكدت ان هناك رسالة ما من خلال هذه التجربة ، فانا عربي الاصل ، مسلم الدين ، اقطن بدولة عربية ، وان ما حدث لي هو حلم ، لان ما عشته هو تجربة شخص اجنبي يريد معرفة الاسلام ، فكانت تصرفاتنا سبب سوء الفهم ، فقررت ان اتغير ، ان اتكلم بادب ، و ان اتخلق باخلاق جميلة ، وان لا ارمي الازبال في الشوارع ، لأن الاخر يرى افعالك باسم الاسلام ، فانت سفير للاسلام ...ومرت الايام وتحسنت اخلاقي ، والتقيت بياباني بالصدفة تعرفت عليه ، لم احدثه عن الاسلام ابدا ، بل كنت اعامله بأخلاق الاسلام ، مما ادى به انه اراد ان يتعرف علىى مسلم بعد ان قرر التعرف على الاسلام وانه سيرجع الان لبلده متقين ان الاسلام دين اخلاق وجمال ومحبة وسلام ، وأنه يفكر في ان يعتنق الاسلام ، وكل هذا بسبب معاملتي الاخلاقية التي تعلمتها من ديننا ...فتأكدت ان ما يقع لعالمنا الاسلامي من نفور الناس وخوفهم من الاسلام سببه نحن .
الاثنين، 20 يوليو 2015

بلا كلام

يحكي لنا احد الظرفاء قائلا :

جلست في المتنزه هاربا من غضب يعصب بي ، و طالبا للهدوء ، تلك اللحظة رأيت رجلا  يتكلم بصوت عالي متوعدا شاتما في وجه احد الشبان الجالسين في احد كراسي المتنزه ،  اثار استغرابي برود اعصاب الشاب ، كان لا يلقي بالا للشخص الذي قذفه بكل انواع الكلام السوقي ، كان الشاب هادئا !!!!

قلت في نفسي كيف استطاع هذا الشاب وفي مثل سنه الصغيرة ان يتحكم بأعصابه ؟!! وكيف تجاهل كل تلك الكلمات القاسية في حقه !!!! ، و الاغرب اني رأيته يلتفت ناحية الرجل الذي تعب من الصراخ ، وابتسم .
الرجل بهت و صمت قليلا و من تم غادر المكان متفوها بكلام غير مفهوم ....

تخيلت نفسي مكان الشاب ، كنت سأبادل الرجل السب والشتم بل وربما تشاجرت معه في عراك وقتال .

فانا سريع الانفعال والغضب ، واي كلمة سيئة في حقي تجعل الدم يتصاعد ، فاغضب واصرخ واتوعد ... كان الامر بالنسبة الي متعبا لكثرة الذين يجعلونك تغضب للاتفه الاسباب .

نظرت ناحية الشاب كان في سكينة وهدوء مستمتعا بوقته ...قلت في نفسي ربما هذا الشاب انسان عظيم تغلب على غضبه واستطاع  التحكم في اعصابه و ترويض نفسه ، وهذا انجاز صعب على من هم في مثل سنه ، فكيف من هم في مثل سني ، فاحسست بالخجل من  نفسي وقررت التغيير ....

كانت المحاولات الاولى فاشلة وبالامتياز ، كان االامر بالنسبة لي شبه مستحيل ، لكن مع تكرار المحاولات نجحت ، وكان فرحتي لا توصف ، ومن بعدها لم اعد اغضب كثيرا ولم تعد الكلمات التافهة  تؤثر علي ، وعشت في سلام تام وتصالح مع الذات ، كان هذا التغيير ملاحوظا للكل ، وتغير معها المحيط الذي اعيش فيه ، وحقت مكاسب وكسبت اصدقاء جدد بسبب هذه الميزة التي تعلمتها من الشاب وناضلت لاكتسبها ....

لكن المفاجأة كانت عندما صادفت الشاب بعد مرور عام ، في نفس المكان تقريبا ، احسست بالفرح ، واردت الجلوس بجانبه وان اكشف لهعن  درس علمه لي بلا كلام ....وبالفعل اقتربت منه وجلست والقيت التحية لم يجب لكن نظر الي وابتسم ....فبادرته بالحديث ، لكنه لم يجب ولم يلتفت ناحيتي ، فظننته لم يسمعني وحاولت  مرة اخرى ، لكن لم يستمع لي ولم يحرك ساكنا ولم يجب ، تعجبت ، ماذا اصاب هذا الشاب اهو اصم نظرت اليه و حركت كتفه ، التفت ناحيتي فاشرت له هل يسمع !!! اجابني لا : انه اصم !!!!  .

كانت الصدمة ، الشاب كان اصما لا يسمع ، ولهذا لم يلتفت للرجل الذي كان يشتمه !!!
كان الامر بالنسبة لي غريبا ، لكن تيقنت انه درس ، تعلمته من هذا الشاب ، فهو اصم لا يسمع ، وهذه نعمة جعلته ساكنا هادئا يرى الدنيا من جانب إيجابي ،  وانا استفدت منه رغم اني لم اكون اعلم بصممه ، اي ان اكون اصما ضد كل ما هو سلبي يجعلني انفعل .. فغادرت المتنزه بابتسامة مشرقة ...

العجيب انه في نفس اليوم صادفت الرجل الذي كان يسب ويشتم الشاب ، و ضحكت ، لكن رأيت سائقا متهورا كاد يصطدم به ، ولا حظت الرجل لم ينفعل ولم يغضب ابتسم ، وقبل اعتذار الشاب المتهور ونصحه باحترام السرعة ...كان الامر غريبا ، فتبعت الرجل وقررت ان احادثه ، فاخبرته بقصتي ، ضحك هو الاخر وقال :  لقد تعلمت منه ان الا اتسرع ولا اغضب وانفعل لاي سبب تافه ، لقد كنت ظلمت الشاب ،  فقد كان سببي غضبي عليه انه  ابن جار جديد لنا ، عند خروج والده كنا نسمع صوت التلفاز عال جدا جدا ، وكان يزعجنا وكنت اطرق الباب ،  لأحدره مما يفعل ، لكن لم يريد ، وعندما خرج ناديته  لم يلقي لي بالا ..و تبعته الى المتنزه وقد رأيت ما  شاهدته ، وتبين لي لا حقا ان الشاب كان اصما لا يسمع ، ولم يفعل ذلك عن قصد ....ومن تلك اللحظة قررت ان اتغير ..

ودعت الرجل وابتسمت ، الشاب بصممه علمنا حكمة لا نتعلمها بالكلام والمواعظ .
السبت، 6 يونيو 2015

الحق في الاصطياف




في اول ايام الصيف تفاجأ الناس بنزول حيوانات الى الشاطيء البحر يتهيؤون للإصطياف ...كان هناك بغال وحمير وعصافير وكلاب وقطط وطيور من مختلف الانواع وحتى الفئران ، البعض مستلقي على الرمال مستمتعا بدفء الشمس ، والبعض منها يلاعب زملائه من ابناء جنسه ، واخرون يسبحون ، كان الامر غريبا ، غير مألوف ، لم يصدق الناس ما يشاهدونه في شاطئهم ، فلم يعد هناك مكان للانسان ، فالشاطيء ممتليء عن اخره بكل تلك الحيوانات ، فخرج رجل وقال بصوت عال : الامر لا يصدق ، لابد من طرد هذه الحيوانات من هان فهي سوف ثلوت الشاطيء ، بل لا تدع لنا مكانا للاصطياف .
فقرر البعض من الناس ان يتصلوا بالامن لطرد هذه المخلوقات ، لكن رجل حكيم خرج بين الجموع وقال : وهل البحر خلق لكم ، لقد خلق الله هذا البحر ايضا لكل مخلوقاته وهذا حق لهم ، دعوهم يستمتعوا ، لكن استعمرتم طويلا ايها البشر هذا الشاطئ ، و حان وقت استمتاعهم .
لم يعجب الامر اغلب الناس فاتصلوا بالامن وحاولوا طرد المخلوقات لكن لم يفلحوا ، فالمخلوقات متشبثة بالشاطئ ..واخيرا قرر رئيس الامن ، ان يدع تلك المخلوقات تستمتع بالشاطئ ، فلها الحق بذلك وامر الناس ان يقاسموا معهم تلك اللحظات وهذا ما حصل فاختلط البشر بالمخلوقات ، بل وتقاسموا العوم واللعب والاكل ...وكان يوما رائعا ....لكن في اليوم الموالي ، لم تظهر تلك الحيوانات على الشاطيء ، انما اكتفت بيوم واحد لتستمتع به في البحر .... وتعجب الناس وعلموا ان الطمع والانانية صفة بشرية .


السبت، 30 مايو 2015

ان لم تستفيد افادك

في أحد الملتقيات التي تهتم بالتجارب الشخصية للناس ، تقدم شاب نحو المنصة وبدأ حديثه قائلا :
أعزائي الحضور ، تجربتي الشخصية تتعلق في علاقتي الاولى و الاخيرة بالكتاب ! فلا تستغربون وسوف تعلمون لاحقا السبب .

كنت لا أهتم بالقراءة ، لكن كنوع من الفضول و كتجربة جديدة في حياتي إشتريت كتابا و كان ذلك لأول مرة في حياتي ، ومن عجائب الصدف ان هبت ريح قوية فجأة ، وجعلت الكتاب يفلت من بين يدي و يسقط بعيدا ، وربما كانت تلك علامة لما هو قادم !

حملت الكتاب وذهبت إلى المنزل ، لم اصدق نفسي أني أفتح كتابا و بل إشتريته بمالي الخاص ! كان الامر غريبا .

كان الكتاب محتواه عن الافكار الايجابية التي تغير من حياة الاشخاص ، وحاولت تطبيقها ، فخرجت إلى الشارع وانا مبتسم ، كنت أتمشى مبتسما و كان الناس ينظرون إلي بغرابة و كأني لوحة موناليزا ، لم أفهم الامر ، ألم يقول الكتاب ان للإبتسامة ثأتير لنشر المحبة بين الناس !

لم أكثرت للأمر ، حتى إني ابتسمت للقطط و لا أنسى ذلك الكلب الشرير الذي إبتسمت له ، و الذي رد علي بنباح شرس و حاول مطاردتي ، وهربت راكضا بلا توقف . لكن لم أستسلم فأنا مازلت محتفظا بإبتسامتي .

مررت بجانب رجل لاحظ إبتسامتي ، فأوقفني وقال غاضبا : هل تسخر مني ياهذا؟! لما تضحك مني ؟!

أجبته :يا أخي انا لست أضحك منك بل ابتسم لك .

نهرني و امرني ان اغرب عن وجهه ، وهذا ما فعلته ، لم أكثرت فانا مازلت مبتسما ! مررت بجانب فتاة ، لا حظت إبتسامتي فإحمر و جهها و صرخت قائلة : تبا لك من تعتقد نفسك روميو ايها المعتوه ، اتريد اتتحرش بي بتلك الابتسامة المعتوهة .

لم أفهم فصمتت و أنا مازلت مبتسما ، مررت بجانب طفل صغير نظر إلي و رمى علي حجرا و أخرج لسانه ساخرا مني ، وأطلق ساقيه للربح هاربا الى أمه . لم أفهم لكن مازلت مبتسما ،مررت بين شخصين يتشاجران فلا حظوا إبتسامتي ، فأشبعوني ضربا و ركلا ، رجعت للمنزل منهوكا مضروبا تعبا ، و حملت الكتاب و انا ألعن صاحبه و رميته من نافذة غرفتي ! . فسقط الكتاب فوق احد الأشخاص الذي كان هاربا من مطاردة الشرطة ، فسقط بسبب الكتاب أرضا و أمسكت به الشرطة ، إعتقدوا اني تعمدت ذلك ! فأصبحت بطلا قوميا ، لان ذلك الشخص كان مجرما مطلوب دوليا . وتهافت علي الاعلام و الصحافين ...لكن رغما كل ذلك مازلت معقدا ناحية الكتب .!!

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

part 1 ظلمات الذاكرة


اسمه سليمان كاتب موهوب ، حققت بعض قصصه نجاحا كبيرا ، رغما ذلك فهو يعيش في منزل وحده ، يتسلى احيانا بالعناية بحديقته الصغيرة ، ويتمتع بتغريد العصافير ، وحينما تصله فكرة يخطوا مهرولا الى مكتبه ليكتب الهامه ، ذلك كان عالمه ، فهو في الخامسة والاربعين من عمره ، كث الشعر. لديه لحية خفيفة تحث دقنه ، يلبس نظارة طبية جميلة الشكل ، انيق المظهر وان كان في بيته فوضوي ، لم يتزوج فهو يعشق الحرية ولا يتحمل المسؤولية وان كان احيانا يفكر في التعرف على جارته استاذة اللغة الانجليزية ، ولا يدري لماذا اثرت انتباهه رغم ان يفر من عالم العلاقات ، كفرار الفأر من المصيدة .
استيقظ متثقلا على صوت منبه الهاتف الذي ضبط فيه ساعة الاستيقاط ، اطفئه واحس بحلاوة النوم وعاد لينام لكن فجأة تذكر موعده المهم ، فقام من مكانه مسرعا ، ودخل الى الحمام وغسل وجهه وتوضأ رغم انه يبدوا عليه انسان غير مبال الا انه يحافظ على الصلاة ، وقام وفطر افطارا سريعا وخرج اومتطى سيارته ، واتجه الى دار النشر وهناك قبل المسؤول عنها ، استقبله بحرارة وقال له وفي عيناه تخفي خبرا سيئا : حسنا يا سيد سليمان رويتك الاخيرة هذه لم تحقق نجاحا باهرا كسابقتها ، وانا جد حزين ان اخبرك اني لست مستعدا لنشر المزيد من اعمالك فلا استطيع ان اغامر اكثر .
نظر اليه سليمان ببلاهة وقال : ألي أجل عدم نجاح روية واحدة ، اردت عدم نشر روياتي ، هذا الامر لا يعقل ولا تنسى اني حقت نجاحات مهمة قبل هذا و اي كاتب يحدث له هذا الامر .
ـ اعتذر يا سيد سليمان ، اتمنى ان تفهم قصدي ، فنحن نعاني ضائقة مالية وصعوبات .
صمت سليمان برهة ومد يده مودعا وقال : حسنا ، تذكر ستندم على هذا .
 خرج واشتد به الغضب وركل قارورة صادفها في  طريقه لسيارته ، الا انها استقرت في وجه امرأة ، حسنة الوجه ، انيقة المنظر ، واحس بالخجل وصرخت هي فو جهه قائلة : هل جننت يا هذا ، افي مثل سنك يلعب الناس بالقارورات .  واقترب منا معتذرا ، فوجدها جارته الاستادة ، يا لهذه الصدفة الغريبة . فقال متأسفا : اعتذر يا سيدة صفاء ، انا لم اقصد ...
قالت قاطعة حديثه وفي وجهها امارة العجب : من اين لك باسمي ، ووجهك مألوف لدي لاأدري اين قابلتك قبلا ، اعتقد انك مراهق كبير .
ـ لا فهمتني خطأ ، انا جارك البعيد سليمان انا كاتب ، اعلم اني انسان غير اجتماعي لهذا لم تعرفني .
قالت مبتسمة : اه سمعت عنك اأنت الجار الغريب الاطوار ، وضحكت
فقال مبتسما : قد اكون كذلك ، المهم اتمنى اتقبل اعتذاري ، فأنا لم اقصد ، بالمناسبة هل اقيلك الى منزلك ، فأنا راجع لبيتي .
ـ لا شكرا انا ، خرجت لدي امر اود القيام به ، حسنا قبلت اعتذارك لكن انتبه مرة اخرى .
وغادرت المكان ، ونظر اليها وقال في نفسه : تبدوا انسانة جميلة ، لكنها عصبية نوعا ما ، يالها هذا الموقف ، وهل ابدوا غريب الاطوار . وابتسم وصادف اثناء ابتسامته مرور شابة يافعة ، واعتقدت انه يبتسم اليها ، فإبتسمت له ، لم يفهم وضحك وقال ياله من صباح ، وامتطى سيارته مغادرا المكان


ودخل إلى منزله، وأشعل جهاز الكمبيوتر المحمول ، وأخذ  روايته التي لم يتمها بعد ، فلم يبقى له سوى العثور على نهاية لأحداثها . لكن وجد نفسه غير قادر على الكتابة والتفكير ، وأغلق جهاز الكمبيوتر ، ورقد على الأريكة متفكرا : لم اعد استطيع التفكير ، علي إن اعثر على دار نشر جديدة ، سحقا لذلك المستغل ألِفَشل رواية واحدة جعله ، يرفض التعاون معي . وفجأة  أغلق عيناه فوجد نفسه يحلم بالأستاذة الرشيقة والجميلة  صفاء ، بثوب ابيض وابتسامة ساحرة ، يراقصها على صوت موسيقى رومانسية وتأخذ بيده ويحلق عاليا . وقام من حلمه مرتعبا على صوت جرس الباب الذي رن مرارا وبلا توقف ،  فقال وهو يقترب من الباب : حسنا اني قادم ماهذا الإزعاج ألا يكفي رنين واحد ، وفتح الباب وارتمى عليه شخص ضخم يحتضنه قائلا : آه كم اشتقت إليك يا ابن عمي ، وأخيرا عثرت على مقر سكنك .
ونظر إليه سليمان مبهوتا وتفحصه غير متيقن بمعرفته ، فهذا الوجه لم يراه قبلا ولا حتى يتذكر ان لعمه ابنا أصلا ، فبغته الشخص قائلا : هل سنقف أمام الباب هكذا ألا ندخل ،. لم يدري ماسيفعله لكن قال بدون تفكير حسنا ادخل ، فصاح الشخص : ياه انه منزل جميل ، وواسع . ورمى بحقيبته على المنضدة ، لكن سليمان بغته قائلا : حسنا أيها الشاب في الحقيقة انا لاأعرفك واعتقد انك أخطأت في العنوان ، وعلى علمي أن عمي لم يكن له ابن .


وقف الشاب الضخم جامدا وصمت برهة وقال : ماذا دهاك انه العنوان نفسه الذي منحه لي عمي ، وكذا الصورة التي منحها لي تحمل نفس ملامحك ، الست أنت سليمان .
بهت سليمان وقال : نعم أنا سليمان لكن هذا لا يعقل .
فقال الشاب : اعتقد انك لا تريد استقبالي هل نسيت أصولك وعائلتك ، ألا تتذكر ابن عمك محسن انه أنا ، آلا تتذكر عندما كنت صغيرا تزورنا حاملا الهدايا من هذه البلاد الم تشتاق لرائحة وطنك ، احضني وشم رائحة  الوطن . وقام واحتضنه ، فحول سليمان التملص منه وقال : ماهذا الجنون ابتعد ، لقد خنقتني ، اقسم لك أني لا اعلم عن ماتحدث عنه ؟!
وابتعد عنه قليلا وقال : اعتقد انك تعاني من ضعف في ذاكرتك ، حسنا إن لم تريد استقبالي فسأخرج لكن تأكد ان ليس لي مكان أوي إليه ، لقد وصلت لثوي ، وقد تم قبولي هنا في احد معاهد لإتمام دراستي ، لم أكن اعلم انك لا تحب استقبال عائلتك . وحمل حقيبته وفتح الباب محاولا الخروج ، لكن سليمان تبعه وهو لايدري لما فعل ذلك وقال : هيه أين أنت ذاهب ، حسنا تعالى وادخل ، أنت لم تفهم ماأقصده ، لقد أخبرتك أني لاأعلم عما تتحدث ، وأنا اعلم جيدا إن عمي ليس له ابن  ، لكن ليس هناك إشكال استرح ، ونناقش الموضوع فيما بعد .
وارتمى عليه محسن محتضنا وقال: اعلم انك تمزح معي، مزاحك غريب.
جلس سليمان متفكرا وقال في نفسه : لم اعد قادر على استيعاب مايحصل لي في هذا اليوم ، أمور غريبة متسلسلة حدث بسرعة كبيرة ، من يكون هذا الشخص ، هل هو لص آم مدعي .
لكن مهلا لديه حلا، وسيتأكد من هوية هذا المدعي



دهب إلى الغرفة المجاورة لغرفة الاستقبال حيث ترك ابن عمه المزعوم جالسا ، وامسك بالهاتف وركب أرقاما وهو يقول : حسنا سنتأكد مما تدعيه أيها الغريب . وإذا بصوت يجيب من الهاتف
ـ الو من المتحدث
ـ أنا سليمان
ـ  أخي. كيف الحال يسعدنا اتصالك
ـ كيف الحال أختي العزيزة اشتقت لكم جميعا وكيف حال والدتي ووالدي هل هما موجودان
ـ والدي هنا ، لكن والدتي خرجت بصحبة عمتي إلى السوق
ـ حسنا نادي لوالدي أريد أن أتكلم معه
وبالفعل اخذ الأب الخط من ابنته وقال: أهلا بني كيف الحال ،هل الأمور بخير
ـ كل شيء بخير والحمد لله
ـ على كل حال تلقيت شيء هناك لقد أرسل لك عمك
فقطعه سليمان قائلا: اجل لقد وصل لتوه، لم أكن اعلم إن لعمي ابن
ـ لقد أضحكتني أكيد انه بمثابة ابن له لقد ربى اثنان وأرسل لك ذلك الصغير، وهو يعلم انك ستعتني به جيدا.
ـ لكن أنا لم أكن اعلم.... فدخل محسن إلى الغرفة وهو يصيح: تعالى بسرعة إن أنبوب الماء يسكب منه الماء بغزارة، وحاولت إغلاقه لكن لم انجح هيا بسرعة .
وقال سليمان لوالده في الهاتف: حسنا أبي لدي طارئ هنا، اعتذر وابلغ السلام لأمي وعمي.
أغلق الهاتف وجرى نحو المطبخ وأصلح الأنبوب، وقال لمحسن: هذا الأنبوب لا يعمل أصلا وحاولت أنت فتحه، مرة استخدم الأنبوب الثاني، هل فهمت
ـ اعتذر لم أكن اعرف
ـ لا عليك، أتعلم لقد اتصلت بأبي واخبرني عن أمرك، حسنا اعتبر المنزل منزلك
ـ شكرا لك .
فقال سليمان محدثا نفسه : ياللمسكين انه لا يعلم بأن عمه ليس أبوه الحقيقي ، كم ستكون صدمته قوية لو علم . فقال لمحسن: حسنا سأخرج الآن هذا هو مفتاح المنزل، وسأعود بعد قليل.
فقال محسن : حسنا لا تقلق
خرج سليمان، وبعد برهة رن جرس المنزل، وقام محسن ليفتح الباب، فوجد ساعي البريد يحمل قفصا كبيرا نوعا ما وفيه جرو صغير جميل، ومنح له الورقة، وتسلم محسن القفص بعد أن قام بإمضاء ورقة التسليم. وقرأ الرسالة ووجد أن عم سليمان أهدى له الجرو ، واعتقد محسن أن الهدية من أبيه ففرح وقال ، ياللمفاجأة لقد أرسلوا له جرو جميل لكن ، لم أكن اعلم أن أبي يحب الكلاب ،  غريب
وعاد سليمان، وجد الجرو يعدوا في المنزل وينبح، واستغرب للأمر وقال: من أين أتيت بهذا الجرو الجميل، فقال محسن وهو يداعب الجرو: انه من أبي لقد أرسله لك، على علمي انه كان يكره تربية الكلاب
ـ بالعكس فلقد كان لديه كلب في مامضى ، و كنت انوي تربية جرو صغير ، لكن والدي لم يخبرني عنها اعتقد انه نسي

فداعب سليمان الجرو وقال : سنطلق عليه لقب سنوبي
فقال محسن مبتسما: انه اسم جميل. ووجه خطابه للجرو قائلا : هيه سنوبي تعالى إلى هنا ، انك محظوظ بتواجدك معنا سنعتني بك جيدا . فنبح الجرو وكأنه فرح بماسمع   

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

انتفاضة الحيوانات


شهد العالم بشكل غير مسبوق خروج حيونات عن طوع الانسان . ولم يفهم احد ما يحدث امامه ، لم تعد الحيونات الاليفة طيعة وهادئة ، بل تمردت واصطفت جميعا في صف واحد ، تزمجر وكل يصيح بصوته محدثين ضجيجا لا مثيل له ، وحتى حاجز العدواة لم يعد موجدا بينها ، فقد وقف القط بجانب الفأر ، والديك بجانب الكلب ، والكل اتفق على الاحتجاج والصياح ، وحتى حيونات الحديقة تمكنوا من  الانفلات من قيدها والانضمام الى باقي الحيوان ، فتدخل الامن بشكل عنيف ، وكانت المواجهة بينهم دومية ،  ولم يرى مثلها من قبل ، لم يستطيع الانسان ان يفهم مايجري امامه ، فماذا اصاب هذه المخلوقات  ولماذا تتجمهر هكذا ؟  فهذا اشبه باحتجاج او ثورة ، ايعقل ان يكون كذلك؟

قررت العالم التدخل السريع والفوري وباستخدام السلاح والعنف ، لإرجاع الحيوان الى عهدها وصوابها . لكن جمعيات المطالبة بحقوق الحيوان تدخلت ، وطالبت بإلغاء ذلك القرار الجائر ، فالحل الوحيد هو الحوار ، وضحك الجميع لقرار الغريب والطريف ، فكيف سيتحارون مع الحيوان وهن مخلوقات غير عاقلة ، ولا تعي مايقال لها ، لكن رئيس الجمعية رد عليهم ، بان الحيوان قد لا يفهم مانقوله لكن سيفهم مانقصده ، وانه قادر هو ومجموعته اقناعها بالرجوع لطبيعتها ، لكن شريطة تلبية جميع مطالب تلك الحيونات المعتصمة ،  وان لا تنهك حقوقها ، او الاعتداء عليها او تحميلها ما لاطاقة لها بها ، فوافق العالم بتللك الشروط ، واقترب رئيس الجمعية من مكان تجمع الحيوان ، ورأى منظرا سورياليا لم يراه في حياته ، فهو امام جل المخلوقات مجتمعة في صف واحد ودابت العدواة بينهم واصبحوا كائن واحدا مطالبا بحقوقه وياله من موقف خيالي ، فقال : ايتها المخلوقات اعلم انكم غاضبون منا بمعنى اخر من الانسان ، فهو مخلوق ظالم ومتسرع ، بجهل أوبعلم منه ، فهو لايحترم ضعفكم ولا يعلم انكم تحسون كما نحس ، لكن ليس كل العالم فمنا الرحماء بمخلوقات الله والمدافعين عن حقوقها وجميع الاديان السماوية ، اكدت حقوقكم ، لكن هذا هو الانسان ظالم لنفسه قبل ظلمه للاخرين ، اعلم ان العالم لن يصدق فهمكم لي لكن انا متأكد في هذه اللحظة بالذات انكم تعون مأقوله ، فلقد قررنا تنفيد مطالبكم ، وسنقنع باقي العالم بذلك ، واعلم ان البيئة في خطر بل انها كذلك ، فنحن ايضا نعاني من تبعيات تدميرها وسنقف مطالبين بعدم الاستمرار في ضررها . وسكت ونظر اليهم ، ياترى هل فهموا ماحاول اقناعه لهم ، وهل موقفه هذا سيجعله اضكوكة العالم اجمع ، فجأة اقترب منه طائر انه الهدهد وقال بصوت واضح وبكلام مفهوم ، جعل الجميع غير مصدق لما يراه ، هدهد يتكلم هذا لا يكون الا في القصص لا في الواقع ، لكن هذا ماحدث  ، تكلم الهدهد وقال : لقد منح لي الله هذه القدرة الان لأعلن لكم اننا سنتق بكلامكم ، رغم علمنا ان لا ثقة لنا بكم ، فكم من وعود خالفتموها فيما بينكم ، فكيف بيننا ، لقد عانت جميع المخلوقات من ظلم الانسان لها بقصد او بغير قصد ، ودمرتم البيئة بسبب بحثكم عن الاغتناء والمجد الزائف ، اقلعتم الاشجار ولوثتم البحار والهواء ولم تراعوا حقوق الحيوان في العيش في سلام وهناء، وقتلتم منا الكثير بلا منفعة فقط لإرضاء غروركم ، ووضعتم بعضها في سجن قامعين حريتها لتتمتعوا بها كزينة ، فعملتم الكثير من الاضرار وخيركم اقل . سنمنح هذه الفرصة ، ونعود الى طبيعتنا لكن ان عدتم عدنا.
استمع الرئيس والعالم غير مصدقين ، فتلك معجزة وتحدير من الخالق للانسان ، ورجعت الحيوان الى عادتها ، وقرر الانسان الانصياع الى الشرط ، لكن هل سيفي الانسان بالعهد ، نتمنى ذلك وان كانت الحكاية خيالية.
الجمعة، 30 سبتمبر 2011

انا والقطة والاخرون


كنت انتظر صديقا لي بجانب مستشفى تصفية الدم ، ليقدم طلب عمل لديهم فهو خريج مدرسة الممرضين ، لم ابغي ان ادخل معه فإرتأيت ان انتظره بالخارج ،  وبجانب المكان الذي وقفت فيه محل لكراء لوازم الاعرس ، وبها مجموعة من الشباب قدموا لتوهم من من عرس ما ،  وحملوا لوازم العرس الى داخل المحل . وأثار انتباهي ودائما ماتثير انتباهي امور بسيطة فضولي واتأمل فيها معاني كثيرة ، لا ادري هل هي نعمة ام نقمة ، المهم اثار انتباهي مواء القطة المتواصل ، وتبعتها ببصري حتى دلفت الى داخل المحل ، وكان بابه مفتوحا ومتسعا سمح لي برؤية جانب المرئي من المحل ، فعلمت من اصوات الاطباق الطعام انهم يأكلون مما جلبوه من وليمة العرس ، فالقطة بحدسها وحاسة الشم ، عرفت انهم عازمون على الاكل . وبدأت تموء تستنجد بلقمة ترمى اليها ، لكن لم يأبه لها احد ، فكانوا منشغلين في ملاء بطونهم ، استسلمت القطة وصمتت وخرجت منكسرة . وتسألت بيني وبين نفسي ، لماذا لم يرمي اليها احد بطرف من اللحم او مايأكلونه ؟ .  لماذا لم يشفقوا لموائها وجوعها ؟ وهل قست قلوبهم الى درجة ان لا يأبهوا لموائها المتواصل ، طالبة شيء تسد بها جوعها .

عندما انتهى احدهم من الاكل ، خرجا منتشيا وكأنه عائد من معركة منتصرا ، ورأته القطة وجرت نحوه لعله يشفق عليها ، لكن الشاب رفع رجله ليضرب بها القطة ، وصاح بها ان تغرب عن وجهه ، وهربت المسكينة تطلب النجاة . فماأقساك ايها الانسان ، تطلب الرحمة  وتنسى ان ترحم من هو اضعف منك . فكيف سيرحمك الله وانت تتكبر على اصغر مخلوقاته ، وتحتقر كيانها وضعفها ، مالعيب لو انهم رموا اليها جزأ من الطعام لتسد بها رمقها ، وماذا فعلت القطة ليحاول الشاب طردها بالضرب ، وكأنها كرة تتقادفها الارجل  ؟ لماذا هذه القسوة والغطرسة ، فكم من انسان لم يرحم لان قلبه لا يعرف الرحمة تجاه مخلوقات الله ، وكم من انسان دخل الجنة بسبب عطفه على خلق الله كيفما كانوا .

وخرج صديقي ولم اخبره بما لاحطته وماتأملته في تلك اللحظات التي تصنع الفارق ، فهو لن يفهم تأملي المجنون وسيعتبر الامر لا يستحق الاهمية . ومرت القطة بجانبي وداعبتها متلمسا رأسها وقلت لها في نفسي : اتمنى لك حظا موفقا مع اناس يحترمونك كمخلوق ويشفقون عليك . وابتسمت ونظر الي صديقي لم يفهم سر ابتسامتي ، واعتقد انه اعتبرني تلك اللحظة مجنونا .
السبت، 24 سبتمبر 2011

الخيار الافضل


فكرا طويلا وقرر ان يضع حدا لهذه الحيرة التي انتابته سنوات عدة ، وقرر وضع نقطة فصل بين ماكان عليه من افكار وتعامل ؛ فلقد تعب من النفاق الاجتماعي ، ومن التناقضات التي كان يواجهها بأخلاقه الطيبة ومعاملته الحسنة ، وبالتحضر الفائق الذي يتميز فيه في مجتمع لا يؤمن بالرقي في الفكر ، ملَّ الابتسامات الصفراء والكلمات المعسولة الصادرة من قلوب ملائها الحقد والانانية والحسد ، ومن الاستغلال الواضح ومن الاحتقار ، والضرب من تحت الحزام ، كان يعيش وسط هؤلاء بإنسانية كبيرة وطيبوبة اكبر . احس بأن تلك الصفات ماهي إلا ضعف في زمان الوحوش ، لدا قرر تركيب شخصية اخرى بعيد كل البعد عن شخصيته الحقيقية ، اليس كل من في هذا المجتمع يخفي حقيقته؟ ويضع قناعا لايمت له بصلة ، ويظهر الجانب الاخر ، لما لايفعل ذلك بدوره؟

يفاجئه رنين هاتفه الخلوي ، ويقيظه من تفكيره العميق  ، يمسك بالهاتف ، تظهر على شاشته رقم صديق يعرفه ، قرر عدم الرد " نعم هو لم يتصل ليسأل عني ، بل يريد حاجته المعهودة ، لا لن ارد ، انا لست الشخص الذي عرفوه سابقا ، انا انسان اخر ". دار هذا الحديث مع نفسه ، وانقطع الرنين ، لكن بعد برهة عاد الاتصال من جديد ، لم يرد الى انقطع الاتصال ، فقام من مكانه واشعل التلفاز ، فجلس يشاهد الاخبار المسائية ، ضحك بصوت عال وقال وكأنه اصيب بمس من الجنون :" هراء في هراء ، من يسمع ويشاهد هذه الاخبار ، يظننا نعيش في بلد متقدم اجتماعيا واقتصاديا ، كل هذا زيف ونفاق ، وابتسامة هذا المذيع مزيفة ، يعلم هذه الوجوه كثيرا ، واقفل التلفاز" ، وذهب لينام.


استيقظ مبكرا كعادته فهو يشتغل في شركة خاصة ، بدأ عمله منذ ثلاث سنوات ، تحسنت حالته المادية  نوعا ما ، وبدأ يحس بإعتزاز بنفسه ، لكن هذا الاعتزاز انخفض تدريجيا ، عندما لاحظ ان هناك امورا اخرى تزعجه نفسيا وفكريا . لنس ملابسه الانيقة ، وخرج مسرعا الى مقر عمله.
اهلا ياسيد هشام  كيف الاحوال ؟ ".  بادره حارس الامن  الخاص بالشركة ، رد عليه هشام  السلام لكن بدون ابتسامته المعهودة ، وتجاوزه امام استغراب  الحارس ، دخل الى الشركة بدون ان ينبس بكلمة وجلس في مكتبه ،  انتبه لصوت زميل له في العمل قائلا : هيه  ماذا حدث لا سلام ولا كلام .هل تعاني من خطب ما ؟
رد عليه هشام وهو يقلب في اوراق على مكتبه : لا ليس هناك امر ، انا فقط متعب نوعا ما .
ويجيبه زميله مبتسما : هذه هي ضريبة العمل ، انا لاأكره ان احصل اجازة سنة في هواي وا ميامي .
لم يعلق هشام ، واضطر زميله للصمت  
وتدخل زميلتهم نادية موظفة كذلك في الشركة  ، تمتاز بالجمال والاناقة ، والكل لا يرفض لها طلب ، كان هشام دائما يلبي طلباتها ويقوم ببعض اعمال عنها ، برحابة صدر كبيرة . وتتجه نحوه مبتسمة وبتدلل تسلم عليهم وتخصص التحية له قائلة : كيف حالك يا هشام ، اتدري لدي امر اود ان ...
فجأة قطع هشام كلامها بصوت صارم غير معهود عليه : أي امر لديك ، قضي الامر ، قومي باعمالك يا سيدة ، ولا تتخدي اعذارا واهية  لمساعدتك ، انا لست بمغفل ، سابقا كنت اقوم بذلك حبا في الخير ، اما الان لكل واحد اختصاصه منا لان فصاعدا .
امام هذا الرد الغير المتوقع والصادم لم تتمالك نادية نفسها وصرخت في  وجهه غاضبة : وهل اتيت راغبة فيك ايها المغفل ، وماهذه الوقاحة التي تتكلم بها معي ؟ .
فرد عليها بقساوة : الوقاحة هي ألا تقومي باعمالك بنفسك ، من تخالين نفسك شاكيرا في مقر عمل .
وخرجت نادية تضرب برجلها ساخطة ، لم يستطيع زملائه تصديق مايرونه ، اهذا هشام الشاب الطيب المتفهم ام ماذا ، واراد احدهم ان يتكلم ، لكن قطعه هشام قائلا : أرجوا ان لا يعلق احدا على كلامي لا اريد ان اسمع اي احد . فصمت زميله واستغراب بادي على محياه


أصبح هشام حديث الشركة كلها ، لتغير الذي حدث له في تعامله ، والكل يتسأل ماسبب وراء كل هذا ، التغير من الافضل الى الاسوء ، هذا الاستغراب لم يكن حبيس الشركة فقط ، بل تعداه الى الحي الذي يقطن به واثار الكثير من الردود حول شخصيته الجديدة الصارمة والعصبية ، وأصبح الكل يتفادى التعامل معه ، او حتى السلام عليه . اما هشام فقد احس بحلاوة الانتصار ، اصبح الكل يخشاه ، لم يعد يتمالك غضبه ، ويسخط هو كذلك مع الساخطين ، ويسب ويشتم عند الغضب  حتى في الامور التافهة ، اصبح ينافق ويخادع ، اصبح انسانا اخر ، والغريب ان راتبه ازداد بسبب هذ التغيير

مع مرور الوقت احس بأن حياته اصبحت تعيسة ، وأعصابه دائمة التوتر ، حياته رتيبة ، فيها الكثير من التذمر والشكوى وعدم الرضى ، اصبح يهتم للأمور التافهة . فقرر الخروج ذات يوم لينفس عن نفسه اما كثرة الضغوطات النفسية ، اوتجه الى احد المتنزهات العمومية ، جلس على الكرسي وحيدا ، يتأمل اطفالا يلعبون ويضحكون غير مبالين بأحد ، فتذكر براءة الطفولة ،" ياه سيكبرون ويجدون عالم الكبار مختلفا وسيفقدون تلك البراءة وتتغير شخصياتهم الى الاسوء" . فٌُجِيء بصوت يلقي عليه السلام  فرد السلام ، كان رجلا كهلا جلس بجواره ، يبدوا على ملامحه الوقار والجمال . وإنتبه للشجارالواقع بين ولدين حول الكرة ، كل واحد يرى ان له الحق في ان يلعب لوحده . فنادهما الكهل بصوت دافيء ، امام استغراب هشام ، فأتيى عنده فقال مبتسما : لماذا تتشجاران هاهناك ؟
فأجاب احدهما قائلا : الكرة لي واريد ان العب بها وحدي ، وهذا الولد اقتحم مكاني واراد ان ايشاركني اللعب ، ولم ابغي ذلك وتشجارنا . .
فرد الاخر : انا فقط اريد ان العب معه ولن اكلها له ! . فضحك الكهل قائلا : الهذا تتشجاران ! اتدري يابني هذه الكرة صنعت ليلعب بها الناس في جماعة ومع الاخرين ، دع يابني صديقك يشاركك اللعب لتحس متعة الجري والرمي واللراوغة ، ومن الافضل على الانسان ان يسمح للاخرين بمشاركته في اللعب ليستفيد ويفيد ، فالانانية امر مقزز ." فنظر الكهل الى هشام وقال : اليس كذلك ايها السيد ؟
فبغت هشام للاستفسار المباغت فقال : اجل لكن ألم يكن هذا الولد يريد ان يفرض شخصيته على الاخر ، او ان التاني يريد اثبات القوة والعناد ، او انه يشك في نوايا الاخر ."  لكن الكهل لم يجيب ، فوجه كلامه للولدين : هيا اللعب معا وشاركا اللعب مع الاخرين فما عاش من يعيش لنفسه فقط ". فجرى الولدين بكل مرح مطيعان لنصيحة الكهل . ونظر الى هشام وقال مبتسما : تلك الفلسفة التي تتبعها ، فلسفة الضعفاء ..." فإحمر وجه هشام واراد ان يتفوه بكلمات نارية ، لكن الكهل واصل حديثه قائلا : انت الان في قرارة نفسك غاضب وناقم علي وتريد ان تسمعني مالم اسمعه ، ليكن لكن الشخصية لا تفرض بتلك الطريقة ، ليس بالغضب والتأمر والتعصب نصنع الاحترام ، فما تراه في وجوه الاخرين من الاحترام المزعوم ماهو الا خوف واحتقار لك ، وان بدى لك احتراما ، والحياة فن والكثيرون يجهلون ذلك .
فقاطعه  هشام : الحياة فن تلك ماهي الا ترهات الفلاسفة  ، مجرد اقوال لا علاقة لها بالواقع ، رغم اني اعلم انك مررت بتجارب في الحياة بحكم سنك الا اني اراك متشبت بافكار  زمان كان فيه كل شيء جميل اما الان كل شيء تغير ، فلن تكسب احترام الاخرين حتى تدوس عليهم برجلك ، وتحتقرهم وتتبث لهم مدى تفوقك ، وبالنفاق والكلام الجميل تخوط كل الحواجز ، اما ما تقوله فليس له مكان هنا .
ابتسم الكهل مرة اخرى ورد بصوت هاديء : كنت انتظر منك هذه الاجابة ، وقد يكون ماتقوله صحيحا في نظر امثالك ، لكن في نظر من يعرف قيمة الحياة فلا ، اتعتقد انك فرضت الاحترام بذلك لا واقسم لك ان كل ماغادرت احدهم ولا ويتكلم عنك بسوء ، وفي قرارة نفسه انت مجرد متغطرس مريض نفسيا ، وأنا متأكد من انك تعيش حياة كلها نكد وضنك ، ولا تعرف راحة للبال والامراض ستقتحمك اجلا ام عاجلا بسبب الضغوطات وستخلق جيشا من الاعداء من نفسك ومن الاخرين ، وهل سمعت يوما احدا يمدح انسانا انانيا انتهازي لا وان قيل امامه كل مفردات المدح ، لكن في غيباته يذم ، لم يتغير الزمان يابني لكن الانسان هو الذي تغير ، وفي كل زمان يوجد صالح وطالح وانا خبرت الحياة وعلمت ان مايدوم  هو العمل الصالح النافع ، والشخصية القوية هي  في أن تكسب ود الاخرين وتكون صريحا مع ذاتك ومع الاخر.
لكن بدى على هشام عدم الاقتناع وقال : وهل تعتقد ان الناس سيحترمون انسانيتك بل ستبدوا مجرد مغفل في نظرهم . فهؤلاء وحوش.
اشار الكهل بيده الى الناس الموجودون في المتنزه قائلا : وهل تعتقد ان هؤلاء الناس وحوش ، الا ترى السعادة الغامرة على وجوههم مع احبائهم وأولادهم واصدقائهم ، نعم النفاق موجود لكن هل الكل ينافق ؟، هل عندما تنبس بكلمة طيبة صادقة في وجه احدهم هل سينظر اليك كمغفل لا بل سيبادلك حبا بحب لانك بادرته بالطاقة الايجابية ، لا يابني على الانسان ان لايتسرع في القاء الاحكام المسبقة ، الانسان الذكي هو الذي يعرف كيف يفرق بين الاشخاص ، وان ركزت على  عيوبهم ما أحببت احدا
سكت هشام مفكرا فقال : لكن هم يعتبرون كل انسان يتصف بالخلق الجميل ضعيفا .
ابتسم الكهل : اتدري في نظر من ؟ فيمن يملك افكارا مثل افكارك ، فيمن لا يثق بنفسه ، ولم يفرض شخصيته كما خلق لمن يبنغي رضى الناس على حساب رضى رب العباد ، من لايستطيع ان يواجه العالم بحقيقته فتلاشت شخصيته واختار طريقا عواجا ، اذا ماهو الا ضعيف الهمة يثأثر لأدنى هزة . والحياة مليئة بالحواجز فلا يتجاوزها الا من عرف ان الحياة فن كما قلت سابقا ؛ كن جميلا  متخلقا  وصريحا ، مقتحما قلوب الناس بالحب ، والا تفعل الخير لتنظر المديح والشكر بل افعله لوجه الله ، وكلام الناس مجرد ترهات واقاويل لملاء الفراغ.
سكت الكهل وحل برهة من الصمت ومر رجل فألقى السلام ، فرد الكهل وهشام السلام ، وهنا قال الكهل : لو كنت بتفكيرك ، لقلت هذا الشخص ألقى السلام لأجل غرض ما ، لكنه القى السلام لانها صفة جميلة من خصالنا الحميدة ."  فقام الكهل مودعا هشام وقال : تذكر يابني ، ارضاء الناس غاية لا تدرك ، افعل الخير وانساه ، ليس مهما كم ستعيش وكيف ، الاهم ماستتركه من الخير والصفات الجميلة ليذكرك بها الناس.
دارت افكار الكهل في مخيلة هشام ، وقال مخاطبا نفسه : اه كم انا غبي ، لماذا ركزت فكري على سلبيات الناس ، وجعلتهم في صنف واحد ، والاختلاف من طبيعة الحياة ، كم من الوقت ضيعته في التفاهات ، والمعاملة الغبية ، الشكر لله الذي بعث لي هذا الرجل الحكيم ، نعم هذه الحياة لا تستحق كل هذا البؤس الفكري


في الغد دهب هشام الى مقر عمله نشيطا ، وقابل حارس الامن الشركة بابتسامة كبيرة ، امام استغراب هذا الاخير فقاطع هشام استغراب الحارس قائلا : كيف الاحوال ، اليس هناك جديد في حياتك ؟.
فرد الحارس ومازال مستغربا : ليس هناك جديد الامور كما هي.
ابتسم هشام وقال : الحياة مليئة بالجديد ياصديقي ؛ ابحث ستجد كل شيء جديد.
ودخل الى مكتب نادية ، فسلم عليها وتفاجأت نادية وردت السلام ، فاتجه نحوها قائلا : اعتذر عما سبق وبدر مني ، كنت احمقا وكنت امر بلحظات فكرية حمقاء، اثرت في معاملتي مع الاخرين . فضحك وابتسمت نادية قائلة : لا عليك .

الكل  لاحظ الغيير الثاني والافضل  لهشام . فقد أصبح دائم الابتسام ويساعد الكل ويداعبهم . يمرح ويعمل , اعتذر لكل من اساء اليهم . اصبح محط الاعجاب والاحترام . بل وأصبح ظاهرة الحي والعمل
واحرز قدما كبيرا في عمله الى وصل الى منصب مدير الشركة . ودخلت الشركة السوق العالمية .

وموازة لعمله انخرط هشام في ندوات يلقي فيها  محاضرات للتنمية البشرية  . وفي كل ندوة يصرح قائلا : كلمات رجل كهل مغمور , غيرت مفاهيم فيلسوف غبي , الى الافضل . الحياة فن كما قال  والكثيير يجهل  كيف يعيشها . لنعشها اذا ونتعلم هذا الفن والخيار الافضل لك .


الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

نماذج من الحياة



من الحياة تجد نماذج بشرية تبعث على العجب والاستغراب ، اناس تصادفهم في حياتك او تفرض عليك ، المهم هم صنف لن تجد الراحة معهم لا في كلامهم ولا في افعالهم ؛ فيهم من يتدخل في امورك الشخصية ولا يكفون على السؤال في كل كبيرة او صغيرة المهم يريدون ان يعرفوا كل شيء عنك ، والاكثر غرابة ان يتتبع اخبارك من لاتعرفهم اصلا ويحلل تصرفاتك ويضيع وقته في معرفة ادق التفاصيل عنك ، وان وجدوك غامضا اتهموك بما يحبون من اصناف وتطفيء لهيب فشلهم في تحليليك ، ومنهم من ان مررت امامه يلقيك بنظرات لا تعلم اهي من الاعجاب ام من الحسد ، فلا تراه ينزل نظره بل ينظر بعين متفحصة يدقق فيما تلبسه وخاصة الحداء ، فيتعب نظره فيما لاينفعه ، اما صنف اخر لايكف عن تدخل والتعليق عما يراه في الناس من اشكالهم وكلامهم ، بل احيانا تتنزه معه وتناقشه بموضوع مهم بطبيعة الحال بالنسبة اليك ، لكن هو يتظاهر بالاصغاء اليك ، اما ادنيه فتصغي لكلام العابر للناس فيما بينهم ويعلق عليها قاطعا حديثك بل احيانا يعلق على مشية احدهم او ماشابه ذلك ، وتصادف اناس قد تجلس معهم على كراسي المتنزه ويبدؤن في الكلام معك والسؤال عن اسمك وعملك وعائلتك ولا يعلمون انك اتيت ، هاربا بنفسك لتنعم بنوع من العزلة الفكرية لكن هيهات لن تجد لك سبيلا ، المهم قد تستغرب لجرائته في طرح اسئلة عنك كمخبر سري بل يسأل عن علاقتك مع الجنس الاخر ،  وعن اصولك وتتركه له المكان هاربا من جحيم الفضول القاتل ، ومنهم من يشكوا اليك عن متاعبه مع الناس او في العمل ومايلقيه من كيد الحاسدين وقساوة الحياة ، وهناك اناس لا يكفون عن التبجح عن مدى ذكائهم وعلاقاتهم  ، واعجاب الذي يحصل عليه في اي عمل ، وكيف يحل جميع مشاكله ومشكل الناس بطرق لا تخطر بطبيعة الحال على انفسنا فهو منقذ زمانه ، اما فئة اخرى فتشتم وتنتقد اي كان وفي وقت ، يرون كل شيء ظلام في ظلام وان لا نور هناك ولا تغيير يسبون يعبسون ، ان استشرته اسمعك كل النقد ، وان سألته عن انسان اراك جميع عيوبه وركز عليها ، لا يرى سوى السواد  والاحتقار ويجعلك تكره الدنيا بما فيها ،  واناس تلقي عليهم السلام فلا يردون تبتسم في وجهوهم فيعبسون ، تمر من امامهم يلقوا اليك بنظر خاطف ، لا تفهم لما كل ذلك ، وفئة وهي قليلة وان لم نقل نادرة ، تلقاهم والابتسامة تعلوا وجوههم ،وان مددت إليهم يدك مصافحا يصافحوك بحرارة عكس الاغلبية التي تصافحها تلقاها باردة لا احساس فيها ، يسالونك عن احوالك ، ولا يتطفلون كلامهم طيب ينفع ، يناقشون المواضيع ولا يتطرقون في الكلام عن الاخرين ، ولايحرجوك في التعليق على شكلك او لباسك ، ويتفهمون حرية الاختلاف في الفكر ، ويحترمون ماتتميز به شخصيتك لان الاختلاف من صميم الحياة ، عكس ماتلقساه مع الاخرين الذين لا يؤمنون بالاختلاف في الشخصية والفكر .....، تلك الفئة ماأقلها ، وكأن كل  ماهو جميل نادر ، اما التفاهة ففي كل مكان.
الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

عاشق من زمن قيس

كان يراقبها بصمت وكل مرة ينتظر مرور طيفها الجميل ، فقط ليراها ولو من بعيد ، لزمت فكره واحلامه وأصبحت جزءً من حياته ، رغم انه لم يكلمها ولو لمرة ولا هي عرفت عنه شيأ، ولا حتى هل له وجود .
هي فتاة مرحة ، انيقة كفتيات عصرنا هذا ، مايميزها سحر ابتسامتها ، كانت تمر من امامه مع صديقاتها مرور الكرام ، اما هو فكان يتعمد الظهور امامها ، كان حبا صامتا وقاتلا ، هي كانت معجبة بل ومغرمة بشاب اخر ، طويل القامة انيق الهندام ، كانت تعرف عنه كل شيء اسمه عنوانه ، اصدقائه ، وعمله ، ولم تلاحظ يوما عاشقنا الصامت .
جَلسَتْ مع صديقتها المفضلة في المتنزه العمومي ، حيث تعمدت الجلوس هناك لأن فارسها الوسيم يفضل الجلوس هناك مع زملائه ، فتلقي له نظرات اعجاب لعله يفهم ، بل هذا ما حصل تاكدت من نظرة عينيه انه يبادلها الاعجاب ، اما صاحبنا كان يعلم انها تفضل الجلوس مع صديقاتها في المتنزه وذهب الى هناك ووقف بجانب شجرة يراقبها من بعيد ، لم لم يكن يعلم المسكين انها مغرمة بشاب اخر ، فكيف يعرف وهو لا يفكر الا فيها وفي ابتسامتها حتى وان لم تكون موجهة له ، كان يريد ان يراها سعيدة وكان يتألم عندما يسمع عن الم حلى بها لكن يتبدد كل ذلك عندما يرى البسمة تغمر وجهها فيحس بآلارتياح ، كان حبه حبا عفيفا نبيلا ليس من زمانه ، وهو يعلم جيدا ان حبه هذا لابد ان تعلم به اميرته ، ويعلم جيدا انه ليس بوسيم ولا غني ، فهو لا يملك سوى قلبه المفعم بالحب لكل شيء للكون للناس ولها هي ، وقاوم احساسه وحال مرات عدة لكن لم يستطيع ، ولم يعد يقوى ان يتحمل ثقل هذا الاحساس ، ماذنبه في هذه الحياة ان احب وبصدق ، اليس الكل يتغنى بالحب ، اليس مطلب اي فتاة كيفما كانت ان تجد قلبا يشعرها بالاهتمام ، والحنان ، والحب ، فليتشجع اذا ولو لمرة في حياته ، يخبرها بما يخالج قلبه
وتمر الايام ويستمر في مراقبتها وحاول مرات الاقتراب منها لكن بمجرد ان يشرع في الاقتراب اكثر ومحاولة الحديث معها والا وتشل حركة رجليه ويزداد نبض قلبه ويعجز على مواصلة المسير ، ويقف مبهوتا وتمر الفتاة من امامه ، وهكذا دواليك الى ان قرر كتابة رسالة رومانسية لها ، عبر فيها عن كل مايخالج قلبه من احساس مرهف وحب عنيف ، وتشجع وتقدم نحوها كانت لوحدها ، هاهو ذا امامها الان يحارب خجله وارتباكه اوقفها وفي ملامحها دهشة ، فقال متداركا ردة فعلها : ً استسمح لاني اوقفتك ، لكن لن اطيل الكلام معك اريدك فقط ان تقبلي هذه الرسالة التي اعبر فيها عن مكنونات قلبي ً.
لم تفهم مايرمي اليه وقالت : ً لكن لم يسبق لي ان عرفتك ؛ ولا حتى رأيتك يوما ، وكيف اقبل بهذه الرسالة ، ارجوك انا لا اقبل الرسائل من الغرباء ...ً
احس بخيبة امل لكن لم يستسلم فقال : ً ان كنت لا تعلمين اي شيء عني ولم تشاهديني قبلا ، فتأكدي انا اعرفك جيدا وأعلم كل شيء عنك ، ارجوا ان تتواضعي وتقبلي رسالتي ، وان لم يعجبك ماكتبته مزيقيها من بعد ذلك ً. ومد يده مانحا لها الورقة ، لم تدري لماذا امسكت بها ، وانصرف .
ذهبت الى منزلها فوجدت الرسالة مليئة بعبرات الاهات والحب ولوعة الغرام ، وقالت في نفسها : ياه ماأجمل تعبيره ذلك البشع ، كيف تجرأ وأوقفني .
اخبرت صديقاتها وأرتهم الرسالة ، فقرأتها احدى صديقاتها بصوت مرتفع ، وسخروا منه ومن رومانسيته واعتبروه يحلق ضد السرب ، فمن يكتب مثل هذه الرسائل في زماننا هذا . وذات يوم شاهدته مارا من بعيد وشارت لهم بانه صاحب الرسالة ، واحتقروا شكله وتضاحكوا وتعجبوا كيف يملك هذا القبيح اسلوبا انيقا في الكتابة والتعبير ، اما هو عندما شاهدهن فجأة يتضاحكن ويبتسمن ناحيته ، احس بالفرح وظن ان اميرته تبتسم له ورق قلبه واحست بصدق احساسه ، ودارت الخواطر في نفسه ياه يالها من ملاك لم تعير لشكله اي اهتمام واهتمت بقلبه ، هذا ماعتقده المسكين ، ولم يعلم ما يحاك حوله ، وهذا شعور من يملك قلبا ابيضا لا يعرف غشا ولا مكرا .
اما هي قررت قطع الرسالة لكن احدى صديقاتها ارادت العبت معه واملت لها بالرد عليه ردا عاطفيا وتخبره فيها انها تريد مقابلته في مطعم فاخر مشهور بالمدينة ، لرؤيته والحديث معه ، وهذا مافعلته بإيحاء من صديقتها الماكرة ، وارسلت الرسالة له وتوصل بها وقرأها بتمعن واحس وكأن الدنيا تبتسم في وجهه ، بعد عبوس طويل ، هل مازال هناك فتيات يؤمن بجمال الحب وبالروح لا بالشكل ، اعاد قراءة الرسالة مرات عدة وكل مرة يحس فيها بانه في حلم ، لكن ماقطع طعم سعادته لقائه بها في المطعم الفاخر لماذا اختارت ذلك الماكن بضبظ ، اين له بالنقود واين له بلباس غالي وفخم ، لكن الا تستحق هذه الفتاة كل هذا العناء لإرضاءها ، نعم سيقاتل حتى يحصل على النقود الوفيرة وبالفعل وجد عملا وعمل باجتهاد وحصل على مبلغ لابأس به ، واشترى ملابس انيقة وغادر في الموعد المحدد الى المطعم الفاخر ، وجلس على الكرسي وكان المطعم فخما للغاية لا يرتاده سوى الطبقات الثرية ، او الشباب الميسور الحال الذين يصطحبون معهم زوجاتهم او صديقاتهم وحبيباتهم لم ينسى ان يحضر معه باقة من الورد احمر اللون ، قرر ان يهديها لها ، كم تبدوا الدنيا جميلة كم هو الحب جميل ، هاهو ذا ينتظرها بكل لهفة وقلبه يكاد ينطق ، دخلت فتاة فدق قلبه واهتز به المكان ، لكن لم تكن هي كانت تشبهها نوعا ما ، ياترى مالذي اخرها ، هل تعمدت ذلك كنوع من الدلع ام نها تتزين له لتثير انتباهه ، فجأة دخلت اميرته بلباس احمر ساحر والابتسامة تعلو وجهها وعادت نبضات قلبه من جديد تدق اشد من الاول ، احس بارتباك وحب وخوف ، شعور لايحسه سوى العشاق الصادقون ، لكن لم تكون بمفردها كان معها شاب طويل القامة وسيم الشكل ، بل مدت يدها له، انهما يخطوان ناحيته وتخطياه وجلس في طاولة مغايرة لوحدهما ، صعد الدم في وجهه ، ماذا يحدث ؟ من هذا الشاب ؟! وكيف نسيت امره وتجاهلته ، لكن مامعنى كل هذا ؟ وسمع قهقهات من ورائه ، ونظر الى خلفه انها صديقاتها لم يلاحظهن الا الان ؛ اه فهم كل شيء انها تسخر منه ومن مشاعره ، وصديقاتها حضرن خصيصا ليتغامزن عليه ، ليتاكدوا من نجاح لعبتهم القذرة ، نعم لقد كان يحلم وكان حلما جميلا ، وعاش في الاوهام ونسي من يكون نسي انه مجرد شاب قبيح المظهر فقير الحال ، نسي انه في عالم تحكمه المادة ولا مكان فية للمشاعر والحب الصادق، ونظر اليها نظرة لها كل معنى ، ونظرت اليه ؛ ولم تستطيع مواصلة النظر في وجهه وازاحتهما تنظر الى صديقها ، فلقد احست بالخجل لما فعلته ، اما هو فخطى خطوات واهدى لشابين عاشقين باقة ورده ، وذهب مغادرا المكان ، فهذا المكان ليس لأمثاله .
اختفى صديقنا امام ناظري معذبته ، ولم يعد يتتبع خطواتها اما صديقاتها فرحن مما فعلنه ، وقالت احداهن لها :ً الان عليه ان ينظر الى المراءة ، ويعرف قيمة نفسه ، فأنت فتاة جميلة لا تستحق سوى الشاب الوسيم والغني بطبيعة الحال ً. وضحكت وضحكت معها الاخريات ، اما هي فلم تضحك وقالت : ً هذا يكفي ، ما كان يجدر بي ان افعل هذا به
وتمر الايام وتزداد رباطة الحب بين الفتاة والشاب الطويل الغني ، لكن تكتشف في نهاية الامر انه زير نساء وكلما تشاجرت معه بسبب ذلك يصارحها انها هي حبه الاول والاخير وان لا علاقة له بتلك النسوة فهن اللوتي يطاردنه، وكان يطمح في قبلة منها او لمسة وكان تمنعه وتخبره بالزواج منها اولا ، لكن كان يؤثر عليها بكلامه المعسول ويخبرها بانه يحبها وهي تحبه فلا خوف فيما سيفعلانه لانه ستكون زوجته ، واستسلمت له باسم الحب ، والحب بريء مما يفعلونه ، و ومع مرور الايام احست بتغيير مفاجيء لطريقة تعامله معها بل انه يتهرب منها باعذار واهية ، الى ان كتشفت انها حامل وكم كانت صدمتها كبيرة واسودت الدنيا في عينيها وحاولت الاتصال به لكن هاتفه كان مغلق ، سألت عنه في كل مكان ، واختفى وكأن الارض انشقت وابتلعته ، وعرفت اخيرا بعد فوات الاوان انها وقعت ضحية له، وشعرت بالكراهية تعصر قلبها تجاهه بعد ان كان يحمل له الحب الكبير ، لو وجدته لقتلته غير اسفة ، انه دئب في صورة انسان ، حى صديقاتها تهربن منها بعد ان عرفن بما حصل لها ، واخفت امر حملها عن عائلتها ، وحاولت الانتحار لكن لم تستطيع ، وذهبت الى المتنزه جالسة وحدها ولم تتمالك نفسها وبكت كما لم تبكي من قبل ، وتذكرت ذلك الشاب الذي هزأت بمشعره الصادقة ، ولم تدري لماذا تذكرته ؟ وقالت في نفسها : ً اعتقد اني اعاقب على مافعلته تجاه ذلك المسكين .ً وفجأة مدت يد تربت على كتفها ورتعبت واحست بالخوف ونظرت من حولها فوجدته انه هو ذلك الشاب المسكين ، كان مبتسما هاديء الملامح ، وجلس بجانبها وقال: لا تقلقي ان هنا لاجلك ً. لم تفهم كيف ذلك وقالت بدون تفكير : هل اتيت لتتشفى فيا ، لترى انتقام القدر لك ، وتحس بنشوة الانتصار ، نعم اعرف اني اعاقب لما فعلته بك ، لقد جرحت مشاعرك وكبرياءك لكن ندمت فيما بعد ً. ابتسم وقال : علمت بما حصل لك واعلم ان ذلك الحقيرتنصل من مسؤليته ، وانا لم اتي هنا لتشفى فيك بالعكس احسست بالشفقة عليك وعلمت انك انخدعت بي المظهر الجميل والكلام المعسول،قد تستغربين كيف عرفت بامرك ، لقد كنت في العمل في احدى المطاعم وجدت ذت يوم صديقك مع مجموعة من الفتيات كان يعربد معهن ، ويحتسي الخمر وعلمت من خلال ذلك انه يتلاعب بك ، وغدرت المكان وسألت عنك صديقتك واخبرتني بما حصل .ً
اندهشت وهي تحاول حبس دموعها وقالت : وجئت الان لتراني هكذا اتعذب ً فقال وهو يقطع كلامها : اه ماأقساك تتسرعين في الحكم علي كما حكمت سابقا على شكلي ، اتيت هنا لان احببتك من زمان بعيد ومازلت ، وانا مستعد لسترك والزواج بك وتربية ابنك او ابنتك ، نظرت اليه غير مصدقة لم تتمالك نفسها وبكت ، وقالت وكلامها ممزوج بالدموع، انا لاأفهم كيف ترضى الزواج بفتاة مثلي رغم مافعلته بك سابقا ، لو كان احد غيرك مافعل هذا ، هل حقا انت من هذا الزمان .
وابتسم وقال : اجل مازال هناك من يؤمن بقيمة الحب ومستعد للتضحية ، لكن اعيننا لا ترى ذلك ، وانا مستعد للزواج منك ، لكن هل تقبلين بالزواج بقبيح مثلي ، اما من ناحية العمل فلقد انشئت مشروعا تجاريا سينجح بإذن الله .
ابتسمت وقالت وهي تمد له يدها : لا انت لست بقبيح فانت الجمال بعينه ، القبيح هو لاذي لا يرى الاخرين بشكل صحيح ؛ انا نادمة لاني لم اسمح لنفسي بالتعرف اليك ومبادلتك حبا بحب ، لكن اليس هذا عقابلك ان تتزوج بفتاة حامل مثلي ؟.
ضغظ على يديها بحنان وقال : لولا هذا الحمل ماكنت لأتزوج بك انه ابني من الان ، وسننجب ابناء اخرين وثقي باني احببتك عبل هذا ؛ وساسعدك وسعد اسرتنا الجديدة .
وهكذا تزوج الشاب بمحبوبته وكونوا اسرة سعيدة ، اما الشاب الاخر فلقد تعرض لحادثة مأسوي كان يقود سيارته وهو في حالة سكر .
وعاش الزوجين سعيدين وانجب الابناء وعلمت زوجته وصديقاتها انا الانسان لا يقاس بشكله ولا عمله ولا نسبه ، بل تحدد شخصية الانسان بروحه وخلقه ، فطوبى لمن اهتم بالجمال الداخلي وبالسعادة الحقة....
الثلاثاء، 22 فبراير 2011

ذكرى

جلس على الاريكة ونظر حوله وتمتم بكلمات غير مسموعة ، حامدا الله بقلبه ، الان وهو في سن الشيخوخة التي لم يكن يتصور انه سيعيش حتى يصلها ، فهو الان يعيش في منزله الكبير و يعيش معه اولاده و زوجاتهم و احفاده ، وكذا زوجته العجوز ، اجتمعوا في بيته الكبير الذي يتسع لهم جميعا.
لم يغادره احدا من اولاده فقد احبوا البقاء فيه وشعروا بالدفئ العائلي ، عاشوا سعداء ، تجمعهم المحبة والاخاء والتعاون ، كانوا مثال للعائلة السعيدة .


تعلق به احد احفاده انها بنت في السن السادسة ، حملها وقبلها وفجأته قائلة :"هل كنت دائما هكذا ؟! وهل سوف اصبح يوما مثلك ؟". ضحك من استفسارها البريء ، فقال وهو يداعب شعرها : "يابنيتي كل انسان في هذه الدنيا ، يولد صغيرا ويكبر مع الزمان ، يتحول من طفل صغير الى شاب قوي ، الى كهل وشيخوخة ، هذه سنة الحياة ، وانا كذلك كنت مثلك صغيرا ، وسوف تصبحين بعد شباب طويل جدة جميلة."وسمعا نداء امها ، فقبلت البنت الصغيرة جبين جدها وذهبت الى امها .اما هو فقد قام من مجلسه ، ودخل غرفته وقال في نفسه :"هذه البنت الصغيرة ذكرتني بايام الشباب ، ايام المرح والعمل و الحب ." و اتجه نحو خزانة كتبه فجرد درجا صغيرا ، واخذ منها علبة كبيرة ، فيها البوم صوره وتفحصها باهتمام ، واخذ مذكرة قديمة ، وابتسم محدثا نفسه :"هذه صوري وهذه مذكرتي ، دونت فيها جميع ذكرياتي ايام المراهقة والشباب ، من احلام و مغامرات واهات واحزان وافراح...". وقلب صفحاتها وفجأة توقف عند صفحة بتاريخ 15.06.1955. مكتوب عليها : هذا اليوم خرجت من التانوية متجها الى البيت ورأيتها تمر من الشارع ، كانت جميلة مع رجل يبدوا من خلال هيأته انه الخادم ، فهو يراففقها في جميع تنقلاتها ، ومرت بجانبي ونظرت الي وابتسمت ، ويالها من ابتسامة ساحرة جعلت قلبي يقفز من مكانه ، ابتسمت بدوري ، وتهت في مكاني ، لكن ازعجني صوت الخادم يبدوا انهم احضروه من البادية فهو لا يحسن التصرف ، قائلا :"هيه يا هذا لماذا تبتسم لسيدتي ، اهتم بشوؤنك وإلا ..." قاطعه صوت انثوي جميل ، انه صوتها صوت الفتاة تنهره قائلة :"ماذا فعل هذا الشاب ، انه يدرس معي في التانوية وانت مادخلك ؟!..."واعتذرالخادم واحسست بالنصر فلقد انتقمت لي سيدته الصغيرة ، وحييتها برأسي امام انظار الحاقدة للخادم . وياله من يوم من اسعد ايامي ... وهنا توقف الجد العجوز وتنهد كانت اياما لا تنسى واغلق عيناه يتذكر كيف عرف اسم الفتاة ، كان اسمها نور، ابنت احد التجار الاغنياء ، كلف والدها خادما لاإصالها اينما ذهبت وحلت ...، وحاولت كثيرا ان تتهرب من مراقبته لكنها فشلت ، كان خادما وقحا و غبيا ، اما هو فقد كان متيما بها ابتسامتها تجعله يحلق عاليا ، كثيرا ما يدخل الى القسم ، وخياله يذهب بعيدا ، حالما بنظراتها و ابتسامتها الحلوة ، وكان يفيق على صوت استاذه المزعج .
كانت تدرس في نفس التانوية لكن في قسم البنات ، تلك الايام لم يكن هناك اختلاط ، رغما انهم يدرسون في نفس التانوية ، كان المكان الوحيد للالتقاء في الساحة التانوية ، وهناك لا توجد مراقبة الخادم ، فاستغليت الموقف وبادلتها الحديث ، وتعارفنا اخبرتها باسمي و مستواي الدراسي ، فوجدت اني اسبقها بعامين ، كانت عيناها جملتين وجسمها رشيق تلبس تنورة وقميصا ابيض اللون ، بادية عليها اثار النعمة ، اما انا فكنت من اسرة فقيرة ، الا اني كنت انيق بملابسي البسيطة انذاك، تعارفنا وبدأت الرسائل بيننا ، كتبت لها ابث فيها اوجاع قلبي واحلامي ؛ وهي بادلتني المشاعر الجميلة ، لم تكن هناك وسيلة لالتقاء سوى ساحة التانوية والتواصل بالرسائل ؛ استمر الحال هكذا ونحن نعيش احلى قصة حب بريئة كبرأة شبابنا انذاك ، الى ان نجحت في السنة النهائية و حصلت على البكالورية ، فرحت اسرتي واحست ان باب المستقبل فتح لي ، فالبكالوريا انذاك تمنح لك وظيفة محترمة وتفتح لك ابواب العمل ، فرحت نور لكن شعرت بالحزن ، فلن تراني بعد الان ، لاني قررت ان اتمم دراستي عوض البحث عن العمل ، لاأحصل على مركز افضل ، وكانت طموحي كبيرة ، احسست بدوري بالحزن ، لكن وعدتها اني سارسل لها الرسائل كالعادة ، وسأعود لخطبتها ، بالفعل مرت الايام وحبنا يتطور والرسائل مصدرنا الوحيد للتواصل ، الى ان تخرجت و حصلت على الاجازة في الهندسة. وتمكنت من الحصول على الوظيفة في احد الشركات ، فرح الجميع ، وخبرت نور بذلك ، وخبرتها باني سأتقدم لخطبتها ، ففرحت فرحا عظيما ، وبالفعل ذهبت بمفردي ليتعرف عليا اهلها اولا ، من بعد احضر اهلي .
عندما دخلت الى الفيلا انبهرت بجمال المكان ، وفخامته ، واحسست بالارتباك ، كيف اجرؤ على مصاهرة ابنت اكبر الاغنياء وهل سيوافق على شاب مثلي من اسرة فقيرة ، لكني شاب مثقف ، بل مهندس في محترمة واحسست بالثقة في النفس ؛ ودخلت ، رحب بي ابوها وجلسنا كرجل ند رجل ، اخبرته بعض ان تشجعت بسبب مظهره المهيب ، فقد كان رجلا عليه ملامح الهيبة والصرامة والاناقة في اللباس والحديث ، اخبرته برغبتي في مصاهرته وخطبت ابنته بعد اذنه ، نظر الي يتفحص ملامحي وهيأتي ، واحسست كأني ارتكبت خطأ جسيما ، وقال بصوت متهجم :"لم تخبرني عن عائلتك من تكون؟"
ابتسمت وقلت :"انا ابن اسرة متوسطة الحال لكن معروفة باخلاقها الطيبة ، والسمعة الحسنة ، المهم اني مهندس بفضل اسرتي كذا كفاحي واجتهادي ." فقال :"هذا جيد .لكن يؤسفني ان اعلن لك ان ابنتي ستتم خطبتها لشاب مرموق من اسرة مرموقة ، اما انت فبامكانك ان تتزوج فتاة من مستواكم ، اظنك تفهمني !"
عندما انهى حديته جعلت انظر اليه بحنق وقلت وبصرامة لم اعهدها في نفسي :"استسمحك عذرا ياسيدي ،لم اخبرك ان ابنتك مغرمة بي وانا كذلك ولقد اتفقنا على الزواج ، وهي ان سالتها سوافق ومايهمك في مركز عائلتي مادمت اسرتي لا عيب فيها ، وانا شاب في مقتبل العمر ولي وظيفة كفيلة لتكوين اسرة ناجحة .." فقطعني بحدة :"لقد اخبرتك وعليك ان تفهم ، مستوانا لايليق بمستواكم ، ماذا سيقول اصدقائي المرموقين ، ابنتي تتزوج شاب من اسرة غير معروفة ، وفقيرة، هذا لا يكون ابدا." وججأة ظهرت نور واتجهت وبشجاعة نحو وابيها وقالت :"ابي ، انه صادق فيما اخبرك به ، لقد تعرفت عليه و اعجبت به لاخلاقه وكفاحه ،وهو قادر على اسعادي ، فارجوا ان توافق لأني انا التي ستتزوج لا أانت.." وتفاجأ الاب لجراءة ابنته وقال وهو يقف وينظر اليها بغضب :كيف تجرؤين على قول هذا لابيك .لن يتم هذا رضيت ام ابيت ،" وقطعته قائلة :"لكن " لم تتم كلامها حتى قام ابوها فصفعها في وجهها ، واحست بصدمة كبيرة ، وبكت وجرت نحو امها تشتكي قسوة ابيها ، اما انا فكنت مبهوتا لادري مآفعله واحسست وكأن الصفعة تلقيتها انا لا هي ، وقلت صارخا : "للاسف تملك السلطة والثروة ، لكن لاتعترف بالمشاعر وبحق الاخرين في اتخاد القرار لأنفسهم ، تلك ابنتك وليست سلعة لتتبهى بها ." و صرخ الرجل في وجهي طالبا مغدرة بيته الفخم ، خرجت و ضربت بالباب .
مرت الايام والشهور ، لم استطيع نسيان الحادث ولم اقدر على نسيان نور ، وعلمت فيما بعد انها تزوجت من احد ابناء ذوات له مركز مرموق.
اعلنت امي انها اختارت لي فتاة لخطبتها فوافقت بدون شعور ، وتم الزواج ورزقت بابن الاول ومع مرور الايام احببت زوجتي لطيبوبتها وجمالها ،تناسيت امر نور الى ان تفاجأت بخبر في الصحف تعلن طلاق السيد المرموق من زوجته نور ، حزنت لامرها ، فلم تجد السعادة التي ظن ابوها انها ستلقاها بارتباط باسرة استقرطية ، لقد اهتم بسعادته هو ونسي ابنته واهتم بكلام الناس ...لم اعد ادري عنهم شيأ.
هاأنذا الان في سن كبيرة ، لي اولاد واحفاد ،فدخلت زوجته مبتسمة ورأت العلبة والصور وقالت مازحة:" هل تحن لأيام الشباب ،لم اراك الا اليوم تفتح هذا الالبوم ؟"
فقال وهو يشير اليها بالاقتراب منه :"تذكرت فقط يوما من ايام شبابي ، والماضي ولى ، ولم يبقى فيه سوى الذكريات ." واحتضنها وقبل جبهتها وكمل حديته قائلا :"الحياة تمر بسرعة ، والاهم ان نعيشها بكل لحظة وننسى الالم والحزن ونواصل الحياة ، لقد عشنا معا وكون اسرة ناجحة والحمد لله ،ووصلنا الى هذا العمر بفضل الله ، ومازلنا على العهد ." ابتسمت زوجته العجوز ، ودخل الاحفاد الى غرفتهما ووجدوا الصور وبدأوا يتفحصونها ،فقال الحفيد الأصغر :"هذا انت يا جدي عندما كنت شابا ؟ لقد كنت مثل ابي !.."فابتسم العجوز وزوجته وقال وهو يحتضنه :" نعم انه انا تلك ذكرياتي التي لن تعود.".
عربي باي
‏إظهار الرسائل ذات التسميات من وحي خيالي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات من وحي خيالي. إظهار كافة الرسائل

السبت، 19 أغسطس 2017

الاثنين، 20 يوليو 2015

السبت، 6 يونيو 2015

السبت، 30 مايو 2015

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

السبت، 24 سبتمبر 2011

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

ذكرى

10:16 ص
جلس على الاريكة ونظر حوله وتمتم بكلمات غير مسموعة ، حامدا الله بقلبه ، الان وهو في سن الشيخوخة التي لم يكن يتصور انه سيعيش حتى يصلها ، فهو ...